تداعيات تصريح... فرحات الراجحي

Publié le par infos-medecins

        تبعا لما وقع نشره سابقا فإن تداعيات التصريح لا زالت لها ارتدات  وقد تأخذ منحى تصاعديا نتيجة الفعل ورد الفعل بين السلطة والشارع ولحوصلة انعكاسات هذا التصريح و مناخ الإحتقان الذي يسود الشارع التونسي يمكن تفديم وتفسير تطور الوضع من خلال 3 زوايا لقراءة الأحداث :

أ‌ -   من حيث رؤية الشارع بصفة عامة :

      إن عدم استدباب الأمن وإقالة الراجحي من منصبه بصفة فجئية رغم اعتراف الشارع بما قدمه والشعبية التي اكتسبها من خلال ما اتسم به من تواصل مع المواطن العادي مهما كان مستواه وكسبه ثقة الرأي العام رغم عدم نشاطه السياسي سابقا  وشفافيته في تدخلاته  يجعله محط أنضار المتتبعين للأحداث  ومحل تصديق..من الجميع.

      الثقة التي اكتسبها لدى الرأي العام وضعف الإعلام الرسمي في التعاطي مع الشأن الوطني ومواصلته خط تحرير يتسم بعدم الاستقلالية وبالتالي يترك مجالا كبيرا  للإشاعة وقراءة خاصة يطغى عليها التأويل والتفسيرحسب اجتهاد المتتبع  الأحداث.

     غياب الثقة بين الحكومة والرأي العام وعدم تواصلها مع الشعب  جعل الهوة تكبر شيئا فشيئا وتضارب المواقف بين بعض البلاغات الرسمية والأطراف الفاعلة والتي لها مصداقية لدى الشعب بات التفسير الرسمي أي الحكومي لبعض الأحداث ضعيفة الإقناع ...فمثلا استعمال القوة من طرف ما يقارب 50 عون أمن لإطلاق سراح زميلهم بمحكمة سوسة الموقوف في قضية شهداء الوردانين والمتهم فيها عدد من الإطارات الأمنية بالجهة بمحاولة تهريب قيس بن علي  وموقف وزارة الداخلية الرسمي الذي نفى ذلك وذكر بأن العون وقع إطلاق سراحه من طرف السلط القضائية ...يقابله نفي تام من جمعية القضاة واحتجاجهم بإضراب ليوم مع المطالبة باستقلال القضاء...؟؟؟

تجدد عمليات الإنفلات الأمني دون ظهور مؤشرات لتحسن الوضع العام وغياب شبه كلي للتفسير الرسمي والإكتفاء بالإعلان عن فتح تحقيق في الأسباب والمتسببين ثم الوقوف عند هذا الحد دون ابلاغ الرأي العام بنتائج التحقيق يصبح موقفا يتماشى والخط المتبع من طرف النظام السابق والرجوع بنتائج الثورة إلى الوراء مما يفسر  من طرف الرأي العام بشكل من أشكال الالتفاف على الثورة .

طول انتظار المواطن لتحقيق الحد الأدنى المطلوب من ضرورياته اليومية وأخذ قرارات من طرف الحكومة لا تكون لها نتائج ملموسة لدى المواطن يقرأ على أنه نوع من التهميش  مما حدى بعديد المواطنين  وفي عديد الجبهات  إلى الاحتجاج بقطع الطرق للضغط على السلط دون الإلتجاء إلى العنف.

ب‌-     من جهة السيد فرحات الراجحي :

       التصريح في حد ذاته أكد من وجهة نظره صحة ما مشى له تأويل الرأي العام من وجود مؤشرات على أن هناك من  يدير القرار السياسي من وراء  الحكومة  ... وهو ما لاحظه الداني والقاصي  خصوصا في التسميات ...لإطارات تجمعية في مناصب مختلفة ثم التراجع بعد ذلك ...خاصة على مستوى الولاة وبعض المؤسسات.ولكن صراحة الراجحي ومصداقيته  هي التي  أعطت البعد الكبير والتفاعلات الحاصلة.

كما أن خوف العديد مما لهم ماضي وعلاقة بالفساد من معرفة الرأي العام لحقيقة ما يجري ...يضغطون نحو وضع حد لمصدر الحقيقة...

      وبالرجوع لشخصية الراجحي فهو قاضى والحقيقة هي هدفه في شخصيته الوظيفية  مع استقلالية قراره وعدم السماح للتدخل في ما يراه ...أي أنه لا يعمل بالتعليمات ولكنه يعمل بما يمليه عليه ضميره  وفق القانون و تفسيره للأحداث وبما أنه كان وزيرا للداخلية وأطلع على عديد الملفات ...إذا قالت حذامى فصدقوها ولب القول ما قالت حذامي...

 

ج- من جهة الحكومة :

     سعت الحكومة بفرض سلطتها بتوخي سياسة متشددة لإرجاع هبة الدولة هذه الهبة التي تآكلت نتيجة تمسك حكومة الغنوشي بوجوه التجمع أمام رفض جمهور الثورة ...ولولا الإعتصامات المتاوصلة وخاصة اعتصام القصبة و1 و2 ... لبقينا إلى اليوم تحت هيمنة التجمع...

الارتباكات التي حصلت وتحصل في إدارة البلاد دون كسب ثقة الشعب جعلت الحكومة تأخذ قرارات لا يتبناها جمهور الثورة وبالتالي تستدم بعوائق كثيرة أهمها الوضع الأمني.

غياب المحاكمات سواء لرموز الفساد أو القناصة... وعدم وضع الرأي العام على علم بما وصلت ليه التحقيقات خصوصا وأن القضية تهم الرأي العام بنفس القدر لمن كان ضحية لهذه الممارسات .

الإنفلات في  السجون تقريبا قي نفس الوقت مما يجعل احتمال التنسيق ضد مصلحة الثورة أمرا واردا...وحتى التحقيق الإداري الذي أعلنت عليه بالتزامن وزارة الداخلية ووزارة العدل ... لم يعلن على نتائجه رغم أنه راجت إشاعة لم تكذبها وزارة العدل تفيد بأن 24 مدير من السجون اجتمعوا وقرروا إضراب منذ ما يقارب الأسبوع منادين بإطلاق زميلهم الموقوف بسجن المهدية.

الرد العنيف الذي توخته فرق الأمن في تفريق المتظاهرين سلميا وخاصة في وسط العاصمة وردود الفعل التي انتشرت في بعض الأحياء ليلا  مما سهل تدخل عناصر الشغب ضمنها...

كخلاصة لما سبق ذكره يمكن الاستنتاج أن غياب إعلام رسمي يعكس حقيقة ما يقع ...تجد إعلام يميل نحو الماضي أكثر مما يواكب تحولات الثورة  وفي المقابل يمحي ما تبقى من مستوى الثقة الضعيف بين الشعب والمهتمين بالشأن السياسي من جهة وغياب تفسير الحكومة لتطور الأحداث من جهة أخرى تفيق  الحكومة لتجد نفسها في واد وبقية الشعب في واد آخر وبالتالي لا يوجد وسيلة  لفرض سياستها إلا العصا الغليظة.....    

 

 

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article